قراءة بيئية في برنامج دعم الإدارة الذاتية الديمقراطية للمزارعين بمنظومة الطاقة الشمسية للري
في خطوة تهدف إلى مواجهة التحديات البيئية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، أطلقت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا برنامجاً لدعم المزارعين في التحول إلى استخدام الطاقة الشمسية في القطاع الزراعي. ووفقاً للقرار الصادر عن مجلس الزراعة والاقتصاد في إقليم شمال وشرق سوريا، تم تحديد آلية الدفع على ثلاث دفعات. ويُعد القطاع الزراعي من أكبر القطاعات استهلاكاً للطاقة، حيث تعتمد عمليات الري والتخزين والنقل على مصادر الطاقة التقليدية، وخاصة الوقود الأحفوري. ومع التحديات البيئية العالمية وأزمة تغير المناخ، برزت الحاجة إلى اعتماد بدائل نظيفة ومستدامة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية، كحل عملي لتقليل الانبعاثات وتحقيق الزراعة المستدامة. وتبرز أهمية المبادرات والبرامج الداعمة لتحول المزارعين نحو أنظمة الطاقة الشمسية في أنها تحقق التوازن بين تعزيز الإنتاجية الزراعية وحماية البيئة. وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية الإدارة الذاتية للانتقال نحو الزراعة المستدامة الصديقة للمناخ، التي تعتمد على الطاقة النظيفة لتقليل استهلاك الموارد الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة. فحسب البيانات الرسمية، يتواجد أكثر من 20 ألف بئر زراعي في إقليم شمال وشرق سوريا، تعمل نسبة كبيرة منها على الطاقة الأحفورية ومولدات الديزل التقليدية. ويمكن تلخيص الأثر البيئي لها بالجوانب التالية: الانبعاثات الكربونية وتغير المناخ: حيث تطلق مولدات الديزل كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى أكاسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون. تلوث الهواء والآثار الصحية: فإلى جانب الغازات، تطلق مولدات الديزل جزيئات دقيقة تؤدي إلى أمراض تنفسية وقلبية، في المقابل فإن الطاقة الشمسية لا تنتج أي ملوثات أثناء التشغيل، ما يحسن جودة الهواء ويحمي الصحة العامة. تلوث التربة والمياه: فالتسربات النفطية الناتجة عن مولدات الديزل تؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية بالهيدروكربونات، في حين لا تسبب الألواح الشمسية أي تلوث أثناء التشغيل. التلوث الضوضائي: تصدر مولدات الديزل ضوضاء، بينما تعمل الألواح الشمسية بصمت، ما يخلق بيئة أكثر هدوءاً. بالمقارنة، تبرز فوائد استخدام نظام الطاقة الشمسية والتي تحقق ما يلي: تقليل تكاليف التشغيل: رغم أن تكلفة تركيب الألواح الشمسية مرتفعة في البداية، إلا أنها تخفض نفقات الطاقة بنسبة تتراوح بين 30% و70% مقارنة بالديزل. استقرار الطاقة: توفر الألواح الشمسية مصدراً للطاقة المستقرة طوال النهار، مما يلغي الحاجة لنقل الوقود ويقلل من مخاطر انقطاع الري بسبب نقص الوقود. رفع كفاءة الري والزراعة الذكية: تسهل الطاقة الشمسية دمج تقنيات الري الحديث مثل التنقيط والري الذكي، ما يقلل استهلاك المياه ويزيد الإنتاجية. تحسين جودة الحياة في المناطق الريفية من خلال بيئة نظيفة وصامتة. تعزيز الأمن المائي من خلال تشغيل المضخات بشكل مستقر دون الحاجة إلى وقود. الحد من انبعاث الغازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ. تقليل تلوث الهواء والمياه الناتج عن تسربات الوقود ومخلفات الديزل. التخلص من الضوضاء التي ترافق عمل المولدات التقليدية. أما الفوائد المباشرة لهذه المنظومة للمحاصيل الزراعية فهي كالتالي: يوفر التحول إلى الطاقة الشمسية انتظاماً في عملية الري، مما يحافظ على رطوبة التربة بشكل مستقر. يحسن نمو النباتات بفضل الري المنتظم الذي يقلل من الإجهاد المائي. يساهم في زيادة الغلة الزراعية نتيجة توفر المياه بشكل دائم دون انقطاع بسبب نقص الوقود. يقلل من مخاطر الأمراض الزراعية المرتبطة بالتقلبات في الري، ما يحسن جودة المحاصيل. وتأتي هذه الخطوة تماشياً مع السياسات الدولية الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية. وتؤكد الإدارة الذاتية أن دعم الطاقة الشمسية في الزراعة ليس مجرد حل مؤقت، بل هو خطوة استراتيجية للانتقال نحو اقتصاد بيئي يوازن بين الإنتاج الزراعي وحماية البيئة، وتفتح الباب أمام المزارعين للحصول على ألواح الطاقة الشمسية بأسعار مدعومة، ضمن خطط استراتيجية لتشجيع الزراعة المستدامة وحماية البيئة. وهي خطوة استراتيجية نحو تحقيق الأمن الغذائي، ويعد خياراً أساسياً لمواجهة تحديات تغير المناخ وضمان استدامة الموارد.
