حماية البيئة – إبراهيم أسعد

إعداد : إبراهيم أسعد

0

حماية البيئة

 

تاريخُ المدنيةِ الشرقِ أوسطيةِ هو تاريخُ دمارٍ، وإنكارِ البيئةِ والمحيط فَبِحُكمِ تَشَكُّلِ قِيَمِ المدنيةِ كثقافةٍ ماديةٍ ومعنويةٍ في آنٍ معاً بالتأسيسِ على إنكارِ قِيَمِ المجتمعِ النيوليتيِّ (تصييرها سلبيةً بالمعنى الجدليّ)، فقد اكتَسَبَ التاريخُ تدفُّقاً كهذا، علماً بأنَّ المجتمعَ النيوليتيَّ أيكولوجيٌّ على صعيدِ قِيَمِ كِلتا الثقافتَين سويةً، فالبيئةُ في عالَمِه المعنويِّ، أي في دينِه، تُقَدَّسُ بوصفِها القِيَمَ الحيةَ الأسمى على الإطلاق، في حين أنَّ إمكانياتِ التغذيةِ المتنامية بالالتفافِ حول المرأة هي بدايةُ الاقتصاد، أي أنَّ الطبيعةَ والمرأةَ ضمن وحدةٍ متناغمة. هكذا يُرمَزُ إلى مفهومِ الدينِ الطبيعيِّ الحيويِّ على أنه الإلهةُ الأُمّ، فالقِسمُ الأكبرُ من وسائلِ الإنتاجِ الماديةِ من اختراعِ المرأة، وثقافةُ التغذيةِ والمَلبَسِ أيضاً ممهورةٌ بمُهرِ المرأة، كلُّ هذه القِيَمِ سوف تتعرضُ مع المدنيةِ إلى الإنكار، وستُصَيَّرُ وسائلَ الربحِ والقمعِ تحت ظلِّ هيمنةِ الرجل، وسوف تُستَحقَرُ الأرضُ الأُمّ، تقولُ الكتبُ المقدسةُ للرجال: “النساءُ حقولُكم، فاحرثوها كما شِئتم”.

والأدهى أنّ المدنَ السومرية َقد أَفسَحَت المجالَ أمامَ زيادةِ مُلوحَةِ الأراضي بسبب استخدامِها الدائم، مما زاد من مخاطرِ التَّصَحُّرِ الطبيعيِّ بِتَغذيته بالتَّصَحُّرِ والشُّحِّ الاصطناعيّ، ودورُ التَّحَضُّرِ سلبيٌّ للغايةِ في تَصَحُّرِ ميزوبوتاميا، ولَطالما يُنظَرُ بِعَين الاستحقارِ إلى الطبيعةِ والبيئةِ والأرضِ في عالَمِ المدنيةِ المعنويّ، إلا إن هذا الموقفَ أيديولوجيٌّ في أصله، يتطوَّر على التضادِّ من مجتمعِ الزراعةِ (القرية)، هادفاً إلى الحطِّ من شأنِه والتحكُّمِ اليسيرِ به.

لقد ابتَدَعَت المدنيةُ كأيديولوجيا تَصَوُّراً عن العالَم، وكأنّه عدوٌّ لَدودٌ للبشرية، وعليه إعطاءَ الحسابِ إزاءَها، كما تَقولُ الكتبُ المقدسة: “إنه مكانٌ لامتحانِكم، لا غير”. وفي الطرفِ المُقابِل، وبينما يَخلقُ الدولتِيون جِنانَهم في هذا العالَم، فهم لَم يُؤمِنوا بتاتاً بالأديانِ التي أَوجَدوها؛ لأنهم يَعلَمون عِلمَ اليقين أنهم هم مَن أَوجَدَها وابتَكَرَها. من جانبٍ آخر فالتطورُ الاجتماعيُّ الناشئُ بالتداخلِ مع الأجواءِ الجيوبيولوجيةِ سوف يُرغَمُ على إنكارِ جوهرِه هذا أيديولوجياً مع تَقَدُّمِ تاريخِ المدنية (في الحقيقة، يجب القول: مع تراجُعِه)، لِيَغدوَ على تضادٍّ وتنافُرٍ معه عبر تصورات العالَمِ الخياليِّ المُجَرَّدِ الآخَر.

عندما يفقد المرء شيئاً قيماً، حينها يدرك قيمة ذاك الشيء ويضفي إليها المعنى الحقيقي الصادق، وهذه خاصية من خصائص الإنسان والتي تتلخص بعدم معرفة قيمة الشيء إلا بعد فقدانه.

البيئة إحدى مرتكزات الحياة التي افتقدها المجتمع الإنساني المدني، والذي لم يكن ينظر إليها على أنها منبع للحياة، ولكن عند ضياعها وفقدانها، أحس الإنسان بأنه قد فقد المجتمع والبيئة كعاملين رئيسيين في صيرورة الحياة؛ ولهذا السبب فقد دخل سؤال البيئة إلى وجدان المجتمع الإنساني، وأصبح هاجساً له ولاسيما في الآونة الأخيرة والتي وصلت فيها البيئة لأعلى درجات الموت الكارثي، لذلك ومع ظهور التنظيمات، الأحزاب، نشطاء البيئة وعلم البيئة، ظهرت جميع النتائج والأسباب المدمرة للبيئة للعيان، ومع ظهور مصطلح سؤال البيئة، قامت بعض الأوساط والجهات وبما يتناسب مع عقليتهم برؤيتها كحضارة فارغة من محتواها، هذه حقيقةُ ظاهرة للعيان. إننا وعندما ننظر إلى الحالة العالمية التي هي عليها ضمن نطاق النظام العالمي، نجد أن هناك تنظيمات راديكالية، ولكن هذه التنظيمات تعمل جميعها بنفس أسلوب التعاطي مع البيئة، وهو ما يؤثر على مدى تطوير الفكر الإنساني لحماية البيئة والحفاظ عليها، ومع تطور النظام الحضاري المركزي، ومنذ البداية فقد تم استعباد وتدمير المرأة والطبيعة، إلى الحد الذي وصل إليه قوة السلطة، ونتجت عنها عملية السيطرة على المجتمع بأكمله؛  ونتيجة لهذه العملية، ظهرت الأساطير والأفكار والمعتقدات التي لعبت دورًا رئيسيًا في تدمير البيئة، وخاصة أن الرجل أخذ مكاناً لنفسه في السلطة، فدخل مع الطبيعة والمجتمع والمرأة في معركة شرسة، وقد أدى هذا في النهاية إلى نتائج سيئة وكارثية، يعتقد الناس أن كل الوجود يجب أن يكون في خدمتهم، وبذلك يتحول الناس إلى وحوش تأكل الطبيعة وتبتلعها.

تعريف البيئة:

عندما نقوم بوضع تعريف للبيئة، من الضروري التمييز بين المصطلحات واستبعاد المصطلحات التي لا تعبر عن المعنى الحقيقي لهذا التعريف، وهذه المصطلحات هي كالتالي: الطبيعة، البيئة وعلم البيئة؛ لذلك فإن البيئة هي جزأ لا يتجزأ من الطبيعة، والطبيعة تحوي البيئة بداخلها، وعلم البيئة يبحث عن العلاقة ما بين البيئة والأحياء وكل ما يحيط به.

تعرف البيئة في معناها الواسع: بأنها تلك الأجواء المحيطة بالموجودات، لذلك فإن مصطلح البيئة الاجتماعية، البيئة الطبيعية، البيئة الصناعية، والبيئة الجبلية: هي مصطلحات تخص مضمون وجوهر الشيء المقصود. والبيئة في معناها الضيق: هي ذلك المكان الذي تتوفر فيه الشروط الحياتية المسؤولة عن استمرار الحياة للأحياء، وتتكون من: الماء، الهواء، الأرض والتغذية، وعلى هذا الأساس تنقسم البيئة الى قسمين:

  • البيئة الطبيعية: هي المكان الذي يتوفر فيه الخصائص والشروط الضرورية المحيطة بالكائن الحي وتجعله يعيش بسعادة بداخلها، وهذه البيئة تحوي بداخلها جميع الموجودات والكائنات الحية والتي هي موجودة في الطبيعة الأولى (الطبيعة الكونية) مثل: الماء، المطر، الغابات، الحيوانات والإنسان ….
  • البيئة المصطنعة: وهو ما يقصد به المكان الذي تتوفر فيه الخصائص والشروط المعيشية بصورة أكبر، ويتم إضافة بعض المتغيرات عليها حسب الرغبة وذلك لأجل خلق بيئة ملائمة، وهذه البيئة تضم كافة الموجودات التي تم إيجادها بيد الإنسان مثل: الأخلاق، السياسة والثقافة…. هذه البيئة نابعة من الطبيعة الاجتماعية؛ لذلك فإن الهدف المقصود بالبيئة في هذا المقال: هو كونها جزء من الطبيعة الكونية.

المشكلات البيئية والصحية:

الظاهرةُ الأساسيةُ التي تُلاحَظُ أثناء تصاعُدِ مجتمعِ المدنية، هي ابتلاعُه طردياً للمجتمعِ الذي تنامى بين ثناياه، وصَهرُه إياه داخلَ أجهزةِ العنفِ والاستغلال، وقيامُه تأسيساً على هذه الظاهرةِ بتفكيكِ وتدميرِ العلاقةِ الأيكولوجيةِ التكافليةِ القائمةِ مع الطبيعةِ الأولى مُحَوِّلاً المجتمعَ إلى مَصدرٍ للموارد، واستثمارُه تدريجياً حتى النهاية. التساؤلُ المطروحُ في هذه الحالة هو: هل سيتبعثرُ المجتمعُ بالتناقضاتِ الداخليةِ أم بالتناقضاتِ الأيكولوجية؟ وقد باتَ هذا سؤالاً مرحليّاً قائماً، والصحيحُ هو أنه لا يُمكنُ للطبيعتَين الأولى والثانيةِ أنْ تتَجَنّبا معاناةَ الكوارثِ الكبرى في ظلّ هيمنةِ التناقضَين معاً، في حالِ عدمِ حصولِ تحوُّلٍ إيجابيٍّ جذريٍّ في المدنية. أما التقييماتُ التي تَذهبُ إلى القولِ باستحالةِ عيشِ المجتمعاتِ بلا مدنية، والتي تَنظرُ إلى المجتمعاتِ المتحضرةِ على أنها مجتمعاتٌ ثريةٌ ومنيعة، فهي تقييماتٌ أيديولوجية، وغالباً ما تَعكسُ براديغما النخبةِ الاحتكاريةِ التَّحَكُّميةِ الاستعمارية، فكافةُ الأوساطِ العلميةِ ذات السيادةِ تُقَيِّمُ المستوى الذي بَلَغَه التمايُزُ الطبقيُّ والتمدنُ، والتداول على أنه سرطانٌ اجتماعيّ (السرطانُ الجسديُّ متعلقٌ بهذه الواقعة)، وثمة مؤشراتٌ جمّةٌ في هذا الشأن، فالتسلحُ النووي، ودمارُ البيئة، البطالةُ البنيوية، المجتمعُ الاستهلاكيّ، التضخمُ السكانيُّ المفرط، السرطانُ البيولوجيّ، الأمراضُ الجنسية، والإبادة المتزايدةُ هي بضعةُ مؤشراتٍ أولية، بناءً عليه، فالحضارةُ أو العصرانيةُ الديمقراطيةُ تُصبحُ مع الزمنِ بديلاً كسبيلٍ للنفاذ، نظراً لإخراجِها المدنيةَ المتناقضةَ والسرطانيةَ السائدةَ من طابعِها التسلطيِّ والاستعماريّ، ولإطرائِها التحولَ عليها.

لأجل فهم هذه النقطة بالشكل السليم، لا بد لنا من العودة إلى بداية تكوين المجتمع البشري، وكما هو معروف، فإن هناك علاقة متينة بين الإنسان والطبيعة منذ أن وجد الإنسان نفسه في هذا العالم، هذه العلاقة كانت قائمة على أساس أن الإنسان يجد نفسه جزأ لا يتجزأ من الطبيعة وإن الطبيعة بالنسبة له هي الأم، كيف تظهر هذه العقلية، تظهر هذه العقلية من خلال أسلوب الحياة الذي كان يعيشها الإنسان في تلك المرحلة، أسلوبهم في السياسة الحياتية تتلخص بالنظر لكل شيء محيط بهم على أنه حي، وعلى أساس هذا الأسلوب تم خلق نوع من التوازن بين الإنسان والطبيعة، والمستفاد الأكبر من هذا التوازن هو الإنسان؛ لإن الطبيعة دائمة العطاء والإنسان دائم الاستهلاك، ولكن الاستهلاك البشري لطاقات الطبيعة كانت بحسب الحاجة الضرورية لاستمرار الحياة، ولم تكن على أساس نهب الطبيعة.

ومع مرور الوقت كان هنالك تأثير متبادل ما بين الطبيعة والإنسان، وهذا التأثير كان مختلف عنه بالطبيعة عن الإنسان، فالإنسان لم يكن يؤثر في الطبيعة بالطريقة الاستغلالية،  فالإنسان كان عارفاً لقيمة البيئة التي كان يعيش بداخلها، وفي هذه المرحلة ولأجل أن يوفر الإنسان غذائه واستمرار بقائه؛ كان يقوم بالصيد وجمع الثمار، وهذا النشاط لم يكن له أي تأثيرات سلبية على الطبيعة؛ وذلك بسبب قلة الحركة لدى الإنسان وقلة احتياجاته، وفي نهاية هذه المرحلة ازدادت احتياجات ومتطلبات الإنسان، إضافةً إلى ذلك تم تطوير أدوات الصيد التي كانت موجودة، وبذلك تبين مدى تأثير الإنسان على البيئة.

المرحلة التالية هي مرحلة اكتشاف الإنسان للزراعة ومعرفة مواعيد وطرق الزراعة باختراع واستخدام طرق الري، وعلى إثر ذلك تطورت فكرة الاستيطان والبقاء في المكان الذي يوجد فيه أراضي صالحة للزراعة، ومع سقي الأراضي، قام الإنسان بصنع القنوات الكفيلة لسقاية الأراضي، هذه العملية وضعت المياه تحت سيطرة الإنسان، وأن يقوم بالاستفادة منها بما يتناسب مع مصالحه الشخصية، وهذه كانت بداية العلاقة بين الإنسان والطبيعة.

ثم بدأت مرحلة الثورة الصناعية، والتي قام فيها الإنسان باستخدام المواد الميكانيكية ولأجل استخدامها كان بحاجة لمصادر الطاقة والتي وجدها بحرق مشتقات البترول لأجل تسيير عمل المكنات التي قام باختراعها، وفي النتيجة ظهرت مشاكل كبيرة تتعلق بالبيئة.

المرحلة التي تلتها والتي كانت في منتصف القرن العشرين، ومع ظهور الأدوات الالكترونية، فإن تأثير الانسان على البيئة وصلت إلى مرحلة الذروة من التخريب والدمار والسلبيات؛ لذلك في هذه المرحلة، أصبحت البقايا الناتجة عن الأنشطة البشرية والطاقة التي يستخدمها مشكلة اجتماعية، ولهذا تظهر اليوم العشرات من المنظمات والأحزاب والناشطين البيئيين، يقفون ضد هذه المشكلة والأزمة التي حدثت في البيئة، ويهدفون دائمًا إلى تحسين البيئة وتطويرها.

في هذه المراحل، نرى أنه كلما زاد ابتعاد الإنسان عن الطبيعة، زاد الضرر والسلبية التي يسببها للبيئة، وقد أدى هذا الانحراف إلى تغيير وتحول في الوعي، فعقل الإنسان مثل العجين، فكيف يمكن أن يعجن يأخذ شكله؛ ولذلك فإن الوعي الأولي يقوم على فكرة أن الإنسان يرى نفسه جزءا من الطبيعة، ويرى الطبيعة حية وحيوية.

لكن مع ظهور فكرة الهرمية البناءة التي أسست طبقة في المجتمع، أحدثت تغييراً سلبياً لدى الناس؛ ونتيجة لذلك تم تأسيس ذهنية السلطة. إن ذهنية السلطة جعلت من نفسها مركز الحياة الاجتماعية والعالمية، وعلى هذا أسست سيادتها على الناس والمجتمع.

وفي عصر الفكر وأسلوب العلم، وصل مفهوم الذات والموضوع إلى ذروة هذا الوعي الذي يأكل نفسه ويقتل نفسه، ولذلك فإن الأزمة وقضية البيئة لم تصبح فقط أجندة المجتمع في يومنا هذا، بل حتى النظام المهيمن للنظام الرأسمالي، الجميع الآن مع ظهور الأمراض الاجتماعية والأزمات والاضطرابات الموجودة في البيئة، اعتقدوا أن استمر على هذا النحو، فإن يوم الحساب والإبادة الجماعية للناس سيكون ظاهرا.

المشاكل الصحية الرئيسية:

من الجدير بالذكر أنّ هناك العديد من المشاكل الصحية التي تؤثر على البيئة الصحية، وهي كما يأتي:

  • تغير المناخ: يُشار إلى أنّ تغير المناخ له أسباب عديدة، مثل: غازات الاحتباس الحراري التي تصب الحرارة من الشمس، وتسخن سطح الأرض، وزيادة درجات حرارة المحيطات التي تؤثر على الموانئ البحرية والنظم الإيكولوجية، والارتفاع في مستويات سطح البحر في العالم الذي يؤدي إلى تقلص الأراضي والفيضانات الجماعية وحوادث الطقس الغريبة في جميع أنحاء العالم.
  • التلوث البيئي: يُشار إلى أنّ التلوث هو أحد الأسباب الرئيسية للمشاكل البيئية المتصلة بالتغير المناخي والتنوع البيولوجي، حيث يؤثر على جميع أنواع المياه والهواء والتربة والضوضاء والضوء، بالإضافة إلى التلوث الحراري على البيئة، كما أنّ لنوعية الهواء والتربة والمياه الملوثة والتغير المناخي آثار ضارة على الصحة العامة.
  • إزالة الغابات: كما تشمل تدمير النباتات والأشجار التي توفر الأوكسجين والغذاء والماء والأدوية للبشر، بالإضافة إلى حرائق الغابات الطبيعية، وقطع الأشجار بصورة غير مشروعة، والممارسات الزراعية، وحصاد كميات كبيرة من الأخشاب للاستخدام التجاري، إلى انخفاض الغابات، وتقليل إمدادات الأكسجين، وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة بمعدلات عالية، كما يشمل التنوع البيولوجي أكثر السمات تعقيداّ وحيوية للنظام الإيكولوجي الذي يشكل البيئة المعرضة للخطر.
  • المرض: حيث إن تخفيف آثار المرض ومكافحته يعدان جانبين رئيسيين يؤثران على الصحة البيئية، ويجعلان من النظافة الصحية اللاسلكية منطقية ومهنية وغير صناعية، والماء المأمون، ومكافحة الأمراض المنقولة بالنواقل، والأمراض المعدية والأمراض غير المعدية اللازمة.
  • النفايات الخطرة: إذ يجب إدارة المواد الخطرة، ونظم التخلص من النفايات، وإصلاح المواقع الملوثة، ومنع تسرب صهاريج التخزين تحت الأرض، والاستجابات الطارئة، ومنع إطلاق المواد الخطرة في البيئة، حيث يؤدي التصنيع العالمي إلى إحداث ثورة في مستويات المعيشة العامة التي تتطلب النظافة الصحية السليمة ومناولة النفايات، وكثيراً ما ترتبط التقنيات والمواد المتصلة بالتقدم الصناعي بالأمراض المعدية.

المجتمع البيئي:

وقد ركز القائد في مرافعاته بشكل مكثف على المجتمع البيئي وركز على ثلاثة جوانب: الطبيعة الأولى التي تسمى الطبيعة الكونية، هذه الطبيعة خلقت نظامها الخاص خارج الإنسان، والثانية هي طبيعة التنشئة الاجتماعية التي خلقها الناس لأنفسهم عن علم ونتيجة تجربة ووفقا للشروط الموجودة في الطبيعة الكونية، والأخيرة هي التوازن بين الطبيعتين، وهو ما يمكن أن نسميه المجتمع البيئي، وفي الوقت نفسه، يعد المجتمع البيئي أحد العوامل الثلاثة التي تعتمد عليها الحداثة الديمقراطية، في مقابل ثلاثية الأبعاد للحداثة الرأسمالية.

يعمل المجتمع البيئي على أساس مبادئ الطبيعة الاجتماعية التي هي جزء من الطبيعة الكونية؛ ولذلك فإن تجنب هذه المبادئ، تجنب الوعي الذي يرى الطبيعة على أنها نفسها، تقوم طبيعة التنشئة الاجتماعية على عنصرين أساسيين: هما العنصر الأخلاقي والأيديولوجي (الأخلاقي والسياسي)، وفي الوقت نفسه هذه العناصر هي خصائص المجتمع الطبيعي.

إن الأخلاق والسياسة تحدد اتجاه المجتمع، وتحميه من الألم والمعاناة والكوارث والأمراض، يستمر وجود التنشئة الاجتماعية على أساس المعايير الأخلاقية، ويتم ضمان الحماية الاجتماعية على أساس السياسات؛ ولذلك فإن المجتمع الذي يخلو من هذين العنصرين: إما إن يدمر، أو تعيش هذه المجتمعات في الألم والمعاناة تحت حكم العبودية، ما نريد الوصول إليه، هو أن المجتمع البيئي يتشكل بتأثير طبيعة التنشئة الاجتماعية.

وبطبيعة الحال، فإن البيئة أيضا لها تأثير كبير على طبيعة التنشئة الاجتماعية، لقد حددت هذه البيئة لون وطريقة حياة هذا المجتمع، ولذلك ينظم المجتمع البيئي حياته وفقا لمعايير وطبيعة البيئة التي نشأ وتأسس فيها ذلك المجتمع. أساس المجتمع البيئي هو مرحلة ثورة العصر النيوليتي(الريفي)، كما يقوم على مبادئ المجتمع الريفي الزراعي من المأكل والمشرب إلى مرحلة النظام الاجتماعي.

إن أي مجتمع يتصرف وفقا للبيئة التي يعيش فيها، والحياة والطريقة التي تأسس بها المجتمع، فإنه سيكون مجتمعا صديقا للبيئة، ففي نهاية المطاف، لا ينبغي للمجتمع القادر على دعم نفسه، وخاصة من الجانب الاقتصادي، أن يسرق البيئة؛ لذا فإن التوازن بين الطبيعتين سيكون ممكن.

التأثير البيئي

الفرد هو نتيجة التنشئة الاجتماعية؛ لذلك تلعب التنشئة الاجتماعية دور البناء الفردي، فكما أن للبيئة دوراً وتأثيراً حاسماً في التنشئة الاجتماعية، فإن للبيئة في الوقت نفسه تأثيراً عميقاً على الفرد، وهذا يؤثر على جسده وبنفس الوقت على ثقافته وأفكاره.

نرى أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الباردة لون أجسادهم وجسمهم، يختلف عن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحارة، في الواقع كل فرد لديه ثقافته الخاصة المتخذة من التنشئة الاجتماعية، تختلف هذه الثقافة في كل مجتمع، وهذا الاختلاف يأتي من البيئة التي تعيش فيها هذه المجتمعات؛ ولهذا يأخذ الفرد لون ثقافته وهويته من تأثير البيئة، وفي هذا يقول ابن خلدون: الإنسان هو ابن بيئته.

وفي الوقت نفسه، يؤثر المجتمع على البيئة، وبقدر ما تؤثر البيئة على الإنسان والمجتمع، فإن هذا التأثير إيجابي وعادل، كيف تشمل البيئة ومحيطها جميع الكائنات الحية، وتحتضنها حتى تتمكن من العيش معًا في هذه البيئة. للإنسان والمجتمع أيضًا تأثير على البيئة، ويحدث هذا التأثير من جانبين: جانب إيجابي وجانب سلبي، الجانب السلبي هو الجانب الذي يسبب الأزمات والصراعات في البيئة، أما التأثير الإيجابي للمجتمع على البيئة، مما يمكن أن يحمي البيئة من التلوث والخراب وأضرار الآلات، كما إن السلبية التي يؤثر بها الإنسان على البيئة، تدمر البيئة التي تحتضن المجتمع، ويظهر رد الفعل ضد هذه الذهنية؛ ونتيجة لذلك تظهر الأمراض والإصابات والأضرار، وتدخل هذه الأمراض إلى المجتمع على شكل أمراض بيئية، فتعرف بأنها مشكلة بيئية.

البيئة والصحة

يشير مفهوم البيئة الصحية إلى جوانب صحة الإنسان، وجوانب الكائنات الحية التي تعكس العوامل الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والاجتماعية والنفسية التي تتلامس مع البيئة. البيئة معروفة بكل الظروف المعيشية المحيطة بها، فالناس لا يرون أنفسهم في البيئة فحسب، بل يرون أنفسهم دائمًا جزءًا منها، ويسعون إلى استمراريتها، ومن المهم جدًا التأكيد على أهمية البيئة الصحية والطبيعة النظيفة لحياة صحية.

أنقذوا هذه الحياة لخلق توازن مع الطبيعة على الأرض، وبسبب البيئة الطبيعية فإنها تلعب دوراً كبيراً في استمرار الحياة. وكما هو معروف، هناك حملة توعية بيئية في يوم البيئة العالمي الذي يتم الاحتفال به كل عام في (5 يونيو)، ويجب على الجميع أن يجدوا مكانهم في هذا، ويجب أن ينتشر الوعي بحماية البيئة في جميع أنحاء العالم.

العلاقة بين هذين المفهومين هي كاللحم والأظافر، وهذان المفهومان متشابهان مع بعضهما البعض، أينما ذكرت كلمة “البيئة، ظهرت كلمة “الصحة” على الفور، وكما ذكرنا أعلاه: إن البيئة لها تأثير على المجتمع والناس. ما هو رد فعل البيئة على الوعي غير البيئي، يتم قتل تلك البيئة أولاً، ومن خلال قتل وإبادة البيئة، تنتقل الأمراض التي تأتي من البيئة التي لا توجد فيها حياة، إلى المجتمع والناس، ويصبح هذا المرض مرضا اجتماعيا؛ لأنه في طبيعة المجتمع ينتشر المرض داخل جذور التنشئة الاجتماعية؛ ونتيجة لذلك إما أن يتدمر هذا المجتمع، أو أن يعود هذا المجتمع إلى نفسه كالميت الذي أكله الندم وعاد لنفسه في حين أن الندم لن ينفع، لا يصبح العودة إلى الطبيعة والبيئة بالطريقة القديمة، وينبغي أن يعود هذا العائد على شكل مجتمع بيئي.

البيئة الصحية والنظيفة ضرورية لبيئة صحية ونقية؛ لأجل إيجاد بيئة صحية ونظيفة، من الضروري وجود أشخاص ومجتمع صديق للبيئة، المجتمع البيئي ضروري بروح العصر الحالي والأفكار المعاصرة ممكنة في ظل النظام الديمقراطي والحداثة. إن تنفيذ الحداثة الديمقراطية يأتي بثلاثة عناصر متكاملة، المجتمع الاجتماعي والفكري والمجتمع البيئي والاقتصاد الكوميني المجتمعي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.